الحماسة من أقدم أغراض الشعر الجاهلى؛ حيث يكثر الصراع، وتدور المعارك، ويقوم الشعر بدوره فى إيقاظ المشاعر وإشعال الحماسة؛ دفاعًا عن الشرف والكرامة والعرض، ويقوم الشعراء والأبطال بتصوير المعارك ووصف أدوات القتال وغبار الميدان، والفخر بالشجاعة والكرم والمروءة، والحفاظ على الشرف، والدعوة إلى الإقدام من أجل النصر لا من أجل الغنائم، كقول عنترة يخاطب ((عبلة)).
هلا سألت الخيل يا بنة مالك إن كنت جاهلة بما لم تعلمى
يخبرك من شهد الوقيعة أننى أغشى الوغى وأعف عند المغنم
ولما ظهر الإسلام تأثرت الحماسة بمفاهيمه ومبادئه، فصارت دعوة إلى القيم الإسلامية، والبعد عن التعصب القبلى الممقوت، ونبذ الفخر الكاذب، وحلت محلها الروح الاجتماعية، والإيمان بالعقيدة، والدعوة للجهاد فى سبيل الله. وهكذا اختلف مفهوم الحماسة الإسلامية عن مفهوم الحماسة الجاهلية، وأصبحت الحماسة جهادًا ضد الظلم والبغى والفساد، وصارت تمجيدًا للحق والعدل، وارتبطت أسباب البطولة وأهدافها بالعقيدة الإسلامية، وذلك واضح فى شعر ((حسان بن ثابت)) شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم حيث يقول:
إن الذوائب من فهر وإخوتهم قد يبنوا سننًا للناس تتبعُ
لا يفخرون إذا نالوا عدوهم وإن أصيبوا فلا خور ولا جزعُ
ومن ذلك قول الصحابى الجليل ((كعب بن مالك)):
بنو الحرب إن نظفر فلسنا بفُحَّشٍ ولا نحن من أظفارها نتوجعُ