جلس الصياد صالح في منزله حزينا مكتئبا،فالعاصفة التي ضربت المنطقة في الأيام السابقة حطمت قارب الصيد الصغير الذي يملكه،وليس بإمكانه تعويض خسارته بشراء قارب صيد جديد . وازداد حزنه وتفكيره بالمصير البائس الذي سيصل إليه حاله وحال أسرته.وبينما هو يتأمل ويفكر، كانت زوجته تتناول إبريق الماء الزجاجي عن الطاولة، ولكنه سقط من بين يديها، وانشطر إلى نصفين مع تناثر بعض الشظايا الصغيرة هنا وهناك. رفعت زوجة الصياد صالح شطري الإبريق إلى الطاولة من جديد، ونظفت الأرض من بقايا الزجاج.كان الصياد يرقب زوجته وكأنه يسلي نفسه بما حدث معها ، مبتعدا عن التفكير بالمصيبة التي ألمت به في تحصيل رزقه المعتمد على صيد السمك وبيعه في سوق المدينة البحرية الصغيرة . ذهبت زوجة الصياد صالح إلى المطبخ وعادت بعلبة الغراء ودهنت الشطرين من البريق المكسور ، وأعادت لصق كل منهما بالآخر ، وقالت: لم يعد الإبريق صالحا لحفظ الماء ، لكنه على أي حال ، سيكون إناء صالحا للزينة أو مزهرية للورد!سأطلب من ابنتنا أن تلونه وتزينه.هب الصياد صالح من مكانه وصاح مبتهجا : وجدتها!...وجدتها!...شكرا لك يا زوجتي العزيزة !...شكرا لك!نظرت إليه زوجته بدهشة وتساءلت في نفسها: ما التي وجدها يا ترى ؟انطلق الصياد صالح إلى الشاطئ وسحب بقايا قاربه المحطم إلى المنزل ، ثم استعار أدوات النجارة من جاره ، وشمر عن ساعديه وابتدأ العمل وهو يقول : لم تعد تصلح يا قاربي لصيد السمك ، لكنك تصلح الآن للزينة أو اللعب !...وابتدأ ينجر الخشب ويحفره ويحوله إلى قوارب صغيرة ، ثم طلب من ابنته أن تلونها وتزينها . وعندما أصبح لديه مجموعة جميلة ، حملها إلى الشاطئ وأطلقها في الماء.أعجب الناس بالقوارب الصغيرة ، وطلبوا شراءها لأطفالهم ،وطلبها بعض السياح ليحتفظوا بها كتذكارات من المدينة البحرية الصغيرة . وهكذا ابتدأت رحلة الصياد صالح من جديد لكسب الرزق.